(أن رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رَحَل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر، فَقَدِمَ عليه وهو يَمُدُّ ناقةً له، فقال: إني لم آتك زائرًا، وإنما أتيتُك لحديثٍ بَلَغَني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَجَوْتُ أن يكون عندك فيه علمٌ، فرآه شَعِثًا، فقال: " ما لي أراك شَعِثًا وأنت أمير البلد؟ "، قال: " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينهانا عن كثير من الِإرفاه "، ورآه حافيًا، فقال: " ما لي أراك حافيًا؟ " قال: " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن نحتفي أحيانًا ") (?).

وهذا ربعي بن عامر يرسله سعد رضي الله عنه قبل القادسية رسولًا إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم، فدخل عليه وقد زينوا مَجلسه بالنمارق والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: " ضع سلاحك "، فقال: " إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت "، فقال رستم: " ائذنوا له "، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها، فقالوا له: " ما جاء بكم؟ "، فقال: (الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سَعَتها، ومن جور الأديان إلى عدل الِإسلام) (?)، فسلام الله على تلك النفوس التي أعاد الِإسلام صياغتها، فتخلت عن القشور الكاذبة، وأمعنت في التحلى بمعالي الأمور (?).

وعن ابن شهاب قال: "خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015