وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام، وكان يُهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية، فيجهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن زاهرًا باديتنا، ونحن حاضروه " (?)، قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان دميمًا (?)، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا، وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه، وهو لا يبصره، فقال: " أَرْسِلني! مَنْ هذا؟ "، فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من يشتري العبد؟ "، فقال: " يا رسول الله إذًا والله تجدني كاسدًا " (?)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لكن عند الله لست بكاسد " أو قال: " لكن عند الله أنت غالٍ " (?). وفيه مواساة الفقراء، وعدم الالتفات إلى صور الناس لأن العبرة بالقلوب والأعمال.

وهكذا تَعَلَّم منه الأصحابُ رضي الله عنهم، الذين هم أولوا الألباب: فعن عبد الله بن شقيق قال: (كان رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عاملًا بمصر، فأتاه رجل من أصحابه، وهو شَعِثُ (?) الرأس مُشْعان (?)، قال: ما لى أراك مُشْعَانًا وأنت أمير؟! قال: كان ينهانا عن الِإرفاه، قلنا: ما الِإرفاه؟ قال: " الترجُّل كل يوم ") (?).

وفي طريق أخرى عن يزيد بن هارون عن الجريري عن عبد الله بن بريدة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015