والضلال، قال تعالى: {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].

وما أروع جهاد ذي القرنين في القرآن الكريم حيث تحرك بجيوشه من أجل دعوة الله الخالدة، ووظف كل إمكاناته من أجل نشر التوحيد وتعريف الناس بخالقهم. ولقد جمع بين الفتوحات العظيمة بحد السيف وفتوحات القلوب بالإيمان والإحسان، فكان إذا ظفر بأمة أو شعب دعاهم إلى الحق والإيمان بالله تعالى قبل العقاب أو الثواب، وكان حريصا على الأعمال الإصلاحية في كل الأقاليم والبلدان التي فتحها، فسعى في بسط سلطان الحق، والعدالة في الأرض، شرقًا وغربًا، فلم يتعامل مع القوم المغلوبين بالظلم أو الجور أو التعسف أو التجبر أو الطغيان أو البطش، وإنما عاملهم بهذا الدستور الرباني: {قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا - وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} [الكهف: 87، 88].

ولقد وجد في إحدى رحلاته الجهادية الدعوية قوما لا يكادون يفقهون قولا، وقد وقع عليهم ظلم عظيم، وتخوفوا من قدوم يأجوج ومأجوج عليهم، فعرضوا عليه المال من أجل أن يبني لهم سدا فقام بمدافعة الظلم المتوقع واعتذر عن أخذ الخراج، وشرع في نقلهم من الجهل إلى العلم، والتخلف إلى التقدم، والكسل إلى العمل، والضعف إلى القوة قال تعالى: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا - آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 95، 96].

لقد كان ذو القرنين حريصا على مصلحة الناس، ناصحا لهم فيما يعود عليهم بالنفع، ولهذا طلب منهم المعونة الجسدية، لما في ذلك تنشيط لهم ورفع لمعنوياتهم. ومن نصحه وإخلاصه لهم، أنه بذل ما في الوسع والخدمة أكثر مما كانوا يطلبون, فهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015