نواحي الجزيرة العربية, فنصر الله الإسلام وأذل الكفر وكانت النتيجة خلال سنة واحدة كما قال ابن كثير - رحمه الله -: «استهلت هذه السنة - يعني سنة اثنتي عشرة للهجرة - وجيوش الصديق وأمراؤه الذين بعثهم لقتال أهل الردة جوالون في البلاد يمينا وشمالا لتمهيد قواعد الإسلام وقتال الطغاة من الأنام حتى رد شارد الدين بعد ذهابه, ورجع الحق إلى نصابه وتمهدت جزيرة العرب وصار البعيد الأقصى كالقريب الأدنى ... » (?).
إن كل واقعة من حرب الردة تشهد بأن أهل الباطل لا يحترمون أهل الحق إلا بالقوة والجهاد, ولقد ترتب على حروب الردة عدة نتائج من أهمها:
- لقد تكسرت وتحطمت قوى الشر من يهود ونصارى، ووثنيين الذين تستروا تحت شعارات عدة أمام صلابة التوحيد وحقيقة التصور السليم، والقيادة الحكيمة, وتركت لنا الأحداث الجسيمة ثروة ضخمة في معاملة المرتدين وأحكامهم، وفي المنهج الصحيح لمعاملة الخارجين عن دولة الإسلام العظيمة.
- استطاعت القيادة الإسلامية بزعامة الصديق - رضي الله عنه - أن تجعل من الجزيرة العربية قاعدة للانطلاق لفتح العالم أجمع، وأصبحت الجزيرة هي النبع الصافي الذي يتدفق منه الإسلام ليصل إلى أصقاع الأرض بواسطة رجال عركتهم الحياة، وأصبحوا من أهل الخبرات المتعددة في مجالات التربية، والتعليم، والجهاد وإقامة شرع الله الشامل لإسعاد بني الإنسان حيثما كان.
- كانت حروب الردة إعدادا ربانيا للفتوحات الإسلامية حيث تميزت الرايات وظهرت القدرات، وتفجرت الطاقات، واكتشفت قيادات ميدانية، وتفنن القادة في الأساليب والخطط الحربية وبرزت مؤهلات الجندية الصادقة المطيعة المنضبطة الواعية التي تقاتل وهي تعلم على ماذا تقاتل، وتقدم كل شيء وهي تعلم من أجل ماذا تضحي وتبذل، ولذا كان الأداء فائقا والتفاني عظيما (?).