وقد اعترف كبار الصحابة بصواب ما ذهب إليه الصديق ورد عمر فيما بعد قولته المشهورة: «ليلة من أبي بكر خير من عمر وآل عمر» (?).

إن بعث أسامة في تلك اللحظة الحرجة لم يحدث أي أثر سلبي على الموقف الإسلامي العام كما ظن الكثيرون، بل على العكس فإنه أحدث آثارا إيجابية أفادت الموقف العسكري والسياسي والدعوى آنيا وفيما بعد, فقد أحدث هذا الجيش في أثناء مسيرته رعبا وخوفا لدى القبائل وأصحاب الأديان الأخرى الذين اشرأبت أعناقهم عندما رأوا الفتنة قد ذر قرنها في الجزيرة العربية بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان الجيش لا يمر بحي من أحياء العرب إلا أرعبوا منهم وقالوا: «ما خرج هؤلاء من قوم إلا وبهم منعة شديدة» (?). ولهذا فإن بعث أسامة كان حربا نفسية رائعة فيما حققته من مكاسب.

إن اختيار الطريق السهل في بعض الأحيان يورد المهالك، ولكن أبا بكر اختار في تلك اللحظة الطريق الصعب الشاق المؤدي إلى النجاة والنصر والفوز, وكان حزما وحسما سجلهما التاريخ لهذا الخليفة الراشد الملهم (?).

رضي الله عنك يا أبا بكر, لقد كان يدرك ما وراء خروج هذا الجيش بعد وفاة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي جعلت أعداء الإسلام يتطلعون للقضاء على الإسلام، كان يدرك - رضي الله عنه - ما في طاعة الله ورسوله من الخير من جهة، وما في إظهار القوة التي لا يحترم الأعداء سواها من جهة أخرى، فكانت هذه النتيجة الرفيعة لذلك القرار التاريخي العظيم (?).

- حروب الردة:

قام أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - بحرب المرتدين وجهز الجيوش لكل ناحية من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015