المبحث الرابع مرحلة التمكين

المبحث الرابع

مرحلة التمكين

إن مرحلة التمكين هي ذروة العمل الإسلامي المنظم، وهي تمثل الثمرة الناضجة إذا مثلت المراحل التي سبقتها التربة الصالحة والبذرة الصالحة، والتعهد والرعاية، وأن الجهد الذي أوصل إلى هذه المرحلة كله من توفيق الله، ويستطيع أن يمس المؤمن أثر توفيق الله سبحانه وتعالى في الوصول إلى مرحلة التمكين لدينه في الأرض في دراسته القرآنية المتأنية، أو في نظرته التاريخية المستوعبة للتاريخ الإسلامي المجيد ومرحلة التمكين في الدعوة

إلى الله تعني أن الله تبارك وتعالى يمكن لدينه في الأرض، عن طريق المؤمنين الذين يعملون الصالحات، وأن هذا التمكين يسبقه الاستخلاف والملك والسلطان, ويعقبه أمن بعد خوف، كما أن الوصول إلى التمكين يكون بعد تحقق شروطه من إيمان وعمل صالح، وتحقيق العبودية، ومحاربة الشرك، وتقوى الله، كما أن لاستمراره شروطًا منها إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وهذه الثلاثة هي إجمال للإسلام كله, فالصلاة عماد الدين وهي دليل الإسلام وعلامته، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، والزكاة تراحم وتكافل، ودفع لحاجات المحتاجين الذين حدد الله سبحانه أنواعهم في آية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] كما هي طهارة لقلب المزكي، وطهارة لماله، وطاعة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هي الالتزام بكل ما أمر والانتهاء عن كل ما نهى, وذلك الإسلام كله, وما ذكرته يوضحه قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 55، 56].

وستظل الطاعة للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، مصاحبة للتمكين لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015