فمقدار نضج الجماعة في مرحلة التعريف والإعداد والمغالبة، تكون الأمور سائرة في الطريق الصحيح، وبمقدار ما يكون التعريف صحيحا يكون الإعداد أسهل، وبمقدار ما يكون الإعداد صحيحا تكون مرحلة المغالبة أحكم وأقوى، ومن ثم فإن النضج في هذه القضايا بشكل عام هو مظهر النضج العملي والنظري في الجماعة بقدر ما توجد عند الجماعة أجهزة مختصة ناضجة في كل قضية من هذه القضايا يكون سيرنا قد أخذ مسراه الكامل (?).

وهناك ما يسمى مرحلة المغالبة بمرحلة التنفيذ ولا مشاحة في الاصطلاح, ويقول حسن البنا - رحمه الله - في هذه المرحلة: «التنفيذ والدعوة في هذا الطور جهاد لا هوادة معه وعمل متواصل في سبيل الوصول إلى الغاية وامتحان وابتلاء لا يصبر عليهما إلا الصادقون، ولا يكفل النجاح في هذا الطور إلا كمال الطاعة» (?).

وقال: (ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج وكثيرا ما تسير هذه المراحل الثلاث: أي التعريف والتكوين والتنفيذ جنبا إلى جنب نظرا لوحدة الدعوة وقوة الارتباط بينهما جميعا، فالداعي يدعو، وهو في نفس الوقت يتخير ويربي, وهو في الوقت عينه يعمل وينفذ كذلك، ولكن لا شك في أن الغاية الأخيرة أو النتيجة الكاملة لا تظهر إلا بعد عموم الدعاية، وكثرة الأنصار ومتانة التكوين» (?)، ومن كلامه نفهم أن التنفيذ عنده نوعان: تنفيذ يومي، وتنفيذ شامل، وأن التنفيذ اليومي مرتبط بموضوع العمل المتواصل المكافئ, وأما التنفيذ الشامل فيرتبط بتحقيق الأهداف الكبرى (?).

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015