الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95]. وقال عز وجل: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ - الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: 19، 20].
ولذلك فضَّل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجهاد بالنفس على الحج، وجعله بعد الإيمان (?)، ففي الصحيحين عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله، ثم جهاد في سبيله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «ثم حج مبرور» (?).
وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطًا مات مجاهدًا، وأجرى عليه رزقه من الجنة وأمن الفتان» (?)، ولذلك أجمع العلماء على أن المقام في ثغور المسلمين أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة، لأن الرباط هو في الواقع، نوع من التضحية بالنفس أو الاستعداد لها (?).
إن مرحلة المغالبة لابد لأفرادها أن يكونوا قد استوعبوا مفهوم الجهاد بعمومه وأن تكون كافة الكوادر في جميع المجالات مستعدة للتحرك نحو تولي أمور الحكم وتحكيم شرع الله تعالى، والتمكين لدينه.
إن حركة المسلمين في مرحلة المغالبة تهز عروش الطغاة، وكلما قطعت الدعوة مرحلة من مراحلها ازداد فزع الظلمة واقتربت نهاية الأحكام الجاهلية.