والجماعة الإسلامية الواعية والتي تسعى أن يكون المجتمع إسلاميًّا وربانيًا لابد أن تجاهد في الله حق جهاده، كما قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] وحق الجهاد هو التصدي لكل عدو يقف أمام دعوة الله، وممارسة جميع الأنواع الجهادية بكل حكمة وعقل ورزانة, وتقدير للمصالح والمفاسد, ومعرفة تامة لمقاصد الشريعة والموازنة بين أفضل المصلحتين وأقل الضررين بحيث تسد كل الثغور، ويسد المجال أمام كل عدو، وهذه صفة من الصفات الربانية اللازم ظهورها في الصف المتحرك لتمكين شرع الله والذي يذب ويجاهد من أجل هذا الدين.

لقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والإرشادات الفقهية تبين فضل الجهاد وضرورته وأنواعه.

والواقع العملي يدلنا على أن أشكال الجهاد مرتبطة بعضها ببعض، فجهاد النفس هو في حقيقته، أصل تلك الأنواع جميعًا، وهي متفرعة عنه ومعتمدة عليه، فهو بذرتها، وهو شرطها، وهو عدتها، يقول ابن القيم - رحمه الله -: «ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعا عن جهاد العبد نفسه في ذات الله، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله, والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (?). كان جهاد النفس مقدمًا على جهاد العدو في الخارج وأصلا له، فإنه من لم يجاهد نفسه أولا، لتفعل ما أُمرت به، وتترك ما نُهيت عنه، ويحاربها في الله لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج» (?).

- وأما جهاد الشيطان فهو ضروري للتمكين من جهاد النفس، وجهاد أعداء الله في الخارج، لأن الشيطان عدو يثبط الإنسان عن جهاد نفسه وجهاد الكفار والمنافقين والفاسقين، ولابد للعبد من جهاده والتغلب عليه إذا أراد أن يتغلب على شهوات نفسه، وعلى كل عدو يصد عن سبيل الله: يقول ابن القيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015