بد أنه من الطائفة المنصورة، وهذا مما لا يحتاج إلى بيان, وإن كانت مهمة التجديد موكولة إلى فئة، فهي الطائفة المنصورة - بلا ريب - وذلك لأن خصائص هذه الطائفة هي الخصائص التي يحتاج إليها في تجديد الدين لهذه الأمة.

وهذا - أي: التجديد - قد يكون بفرد، وقد يكون بطائفة وكونه بطائفة أغلب وهو ما رجحه الحافظ ابن حجر (?) حيث قال: «لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط، بل يكون الأمر فيه ذكر في الطائفة وهو متجه, فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد إلا أن يدعي ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى، باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من جاء بعده، فالشافعي وإن كان متصفا بالصفات الجميلة، إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل، فعلى هذا، كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا» (?). وهناك مجموعة من آراء الأئمة تلتقي حول هذا الرأي كابن الأثير الجزري (?)، وابن كثير وغيرهما، ومن البديهي أن المجدد لهذا الدين - لو كان فردا - لا يخرج من فراغ، ولا يستطيع بمفرده - بحال من الأحوال - أن يجدد الدين - كل الدين- للأمة - كل الأمة-.

إن من الواضح أن مثل هذا العمل الجبار التاريخي لا يضطلع بمباشرة كل جوانبه فرد واحد، بل يحتاج إلى طائفة تتولى التجديد في كل جوانب الحياة الإنسانية، فيكون منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء ومنهم محدثون، ومنهم زهاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015