السريعة كالسيارات في الشوارع ويدخلون الواحد منهم عجلة السيارة بعد أن يضموا رأسه مع رجليه ويديرونها بالآلات وهو مكشوف العورة، ويملأون الأحواض بالماء الساخن في شدة الحر أيام الصيف ويقذفون فيها بالمؤمن مجردا من ثيابه ويبقى فيها الساعات حتى ينسلخ جلده، ويملأونها في أيام الشتاء والبرد القارس بالماء البارد ويلقونه فيها كذلك, ويودعون ولي الله في حجرة ضيقة لنومه وطعامه وشرابه وفضلاته ويجيعون الكلاب المدربة ويضعونها معه في حجرته لتنهش جسمه وتكثر من العواء والنباح على رأسه, ويضربونه بالسياط حتى تسيل الدماء وقد تتجاوز دفعة الضرب في المرة الواحدة خمسمائة سوط ويتركونه حتى يتورم جسمه، ثم يلهبونه بالسياط في مواضع الضرب السابقة ويسيل قيحه وينتن جسمه فلا يسمحون لطبيب يداوي جراحه ويأمرونه مع زملائه من أمثاله بالجري وهم في تلك الحال لمسافات طويلة ومن أظهر التعب ضربوه حتى يغمى عليه أو يموت وهكذا (?).

وهكذا تمر المحن والابتلاءات على الأفراد والجماعات لتصقل العاملين في ساحة العمل الإسلامي على مستوى الأفراد والجماعات, وتمضي هذه السنة في كل الأزمنة والأمكنة إلى عصرنا الحاضر, ويتعرض الدعاة إلى البلاء والمحن ويمضون في طريقهم المرسوم باستعلاء إيماني عظيم لا يبالون غير نصرة دينهم ورفع كلمة الله في الأرض, وينشد شاديهم في داخل السجون ومن وراء القضبان وهو يرى أفواج رفاقه تشنق رقابهم كل يوم وينتظر نفس المصير فلا يتزعزع الإيمان، وإنما يزداد صلابة وتشتاق النفس إلى خالقها, ورفقة النبيين والصديقين والصالحين والشهداء، ويبين الشادي المؤمن أن الحرية هي حرية القلب الذي خلقت عبوديته لخالقه وإن كبله أعداء الله بالقيود وأحاطوه بأسوار السجون والمعتقلات فهو يقول:

أخي أنت حر وراء السدود ... أخي أنت حر بتلك القيود

إذا كنت بالله مستعصما ... فماذا يضيرك كيد العبيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015