إنه الطريق إلى الجنة وقد (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) (?) كما أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , ثم إنه الطريق الذي لا طريق غيره لإنشاء الجماعة التي تحمل هذه الدعوة، وتنهض بتكاليفها، طريق التربية للأمة الإسلامية، وإخراج مكنوناتها من الخير، والقوة والاحتمال، وهو طريق المزاولة العملية للتكاليف، والمعرفة لحقيقة الناس، وحقيقة الحياة، وذلك ليثبت على هذه الدعوة أصلب أصحابها عودا وأقواهم شكيمة، فهؤلاء هم الذين يصلحون لحملها، والصبر عليها، فهم عليها مؤتمنون (?).

إن الابتلاء مكمل لحقيقة الإيمان، لأن الإيمان أمانة الله - تعالى - في الأرض، وهذه الأمانة لا يحملها إلا من هم أهل لها، وفيهم على حملها قدرة، وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص، والذين يؤثرونها على الراحة والدعة، وعلى الأمن والسلامة، وعلى كل صنوف المتاع والإغراء (?).

«وحقيقة الإيمان لا يتم تمامها في جماعة حتى تتعرض للتجربة والامتحان والابتلاء، وحتى يتعرف كل فرد فيها على حقيقة طاقته، وعلى حقيقة غايته ثم تتعرف الجماعة على حقيقة اللبنات التي تتألف منها، ومدى تماسك هذه اللبنات في ساعة الشدة» (¬4). وفي هذا يقول الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ - وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2، 3].

الفتنة: الامتحان بشدائد التكاليف من مفارقة الأوطان، ومجاهدة الأعداء, وسائر الطاعات الشاقة، وهجر الشهوات، وبالفقر والقحط وأنواع المصائب في الأنفس والأموال ومصابرة الكفار على أذاهم وكيدهم (¬5).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015