الصراع في كل مكان، وهذا في حد ذاته مكسب عظيم للدعوة، ساهم فيه أشد وألد أعدائها، ممن كانوا يشيعون في القبائل قالة السوء عنها، فليس كل الناس يسلمون بدعاوى القرشيين، بل كان يوجد من مختلف القبائل من يتابع الأخبار، ويتحرى الصواب فيظفر به.

وكانت الوسيلة الإعلامية في ذلك العصر تناقل الناس للأخبار مشافهة وسمع القاصي والداني بنبوة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وأصبح هذا الحدث العظيم حديث الناس في كل مكان، وبدأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشق طريقه لكسر الحصار المفروض على الدعوة، والانتقال بها إلى مواقع جديدة بعد أن رفضت قريش الاستجابة والانقياد للحق المبين (?) , وكان موقفهم كموقف الأقوام السابقة من رسلهم وتعرض النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه لسنة الابتلاء.

ثامنًا: سنة الابتلاء:

الابتلاء - بصفة عامة - سنة الله تعالى في خلقه, وهذا واضح من الآيات القرآنية الكريمة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ} [الأنعام: 165] وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف: 7] وقال جل شأنه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ

أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2] وقال: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ} [الإنسان: 2].

والابتلاء مرتبط بالتمكين ارتباطا وثيقا، فلقد جرت سنة الله - تعالى- ألا يمكن لأمة إلا بعد أن تمر بمراحل الاختبار المختلفة، وإلا بعد أن ينصهر معدنها في بوتقة الأحداث، فيميز الله الخبيث من الطيب.

وهي سنة جارية على الأمة الإسلامية لا تتخلف، فقد شاء الله - تعالى -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015