لخطبهم، ويقرأ لهم برامجهم, ثم يتعرف إلى البيئة التي يعيشون فيها، والثقافة التي حصلوا عليها والاتجاه الذي يندفعون نحوه، ليعرف كيف يخاطبهم بما لا تنفر منه نفوسهم، وكيف يسلك في إصلاحهم بما لا يدعوهم إلى محاربته عن كره نفس واندفاع عاطفي, فيحرم نفسه من الدعوة إلى الله ويحرم الناس من علم (?)، وهذا يؤهله إلى أن يحدث الناس بما يعرفون ولا يحدثهم حديثا لا تبلغه عقولهم، قال علي - رضي الله عنه -: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله» (?).

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان

لبعضهم فتنة» (?).

وهكذا ينبغي أن يكون الدعاة المسئولون عن إعداد الربانيين حتى يورثوهم خبراتهم وتجاربهم في الحياة ومعرفتهم بشئون الناس (?).

ب- أن يكون ذا سياسة حكيمة:

إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو أسوتنا وقدوتنا، وإمام الدعاة إلى الله، فقد سلك مسلكًا عظيمًا في سياسته الحكيمة فكان له عظيم النفع والأثر في نجاح دعوته، وإنشاء دولته، وقوة سلطانه، ورفعة مقامه، ولم يعرف في تاريخ السياسات البشرية أن رجلا من الساسة المصلحين في أي أمة من الأمم كان له مثل هذا الأثر العظيم، ومَن من المصلحين المبرزين - سواء كان قائدا محنكا، أو مربيا حكيما - اجتمع لديه من رجاحة العقل، وأصالة الرأي، وقوة العزم، وصدق الفراسة ما اجتمع في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ ولقد برهن على وجود ذلك فيه، صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحسن تأليفه، ومكارم أخلاقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (?).

وأهم الطرق في السياسة الحكيمة في الدعوة إلى الله كثيرة منها ما يأتي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015