تجاربهم، ولهذا قال موسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عندما فرضت عليه الصلاة خمسين صلاة في كل يوم ليلة الإسراء والمعراج: «إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك, فما زال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يراجع ربه ويضع عنه حتى أمر بخمس صلوات كل يوم» (?).

فموسى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد جرب الناس، وعلم أن أمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أضعف من بني إسرائيل أجسادا، وأقل منهم قوة، والعادة أن ما يعجز عنه القوي فالضعيف من باب أولى (?).

فالداعية بتجاربه بالسفر، ومعاشرته الجماهير، وتعرفه على عوائد الناس وعقائدهم، وأوضاعهم، ومشكلاتهم، واختلاف طبائعهم وقدراتهم، سيكون له الأثر الكبير في نجاح دعوته وابتعاده عن الوقوع في الخطأ، لأنه إذا وقع في خطأ في منهجه في الدعوة إلى الله، أو أموره الأخرى لا يقع فيه مرة أخرى، وإذا خدع مرة لم يخدع مرة أخرى، بل يستفيد من تجاربه وخبراته ولهذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين» (?).

وقال: «كلكم خطاء وخير الخطائين التوابون» (?).

وسبيل الاستفادة من التجارب والخبرات هو خوضها, فمثلا من أراد إصلاح المتدينين وتوجيههم فعليه أن يعيش معهم في مساجدهم، ومجتمعاتهم، ومجالسهم، وإذا أراد إصلاح الفلاحين والعمال عاش معهم في قراهم ومصانعهم، وإذا أراد أن يصلح المعاملات التجارية بين الناس، فعليه أن يختلط بهم في أسواقهم ومتاجرهم، وأنديتهم، ومجالسهم، وإذا أراد أن يصلح الأوضاع السياسية فعليه أن يختلط بالسياسيين ويتعرف إلى تنظيماتهم ويستمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015