ويريدون أن يغيروا الواقع الذي تحياه الأمة الإسلامية في طرفة عين، دون نظر في العواقب، ودون

فهم للظروف والملابسات المحيطة بهذا الواقع، ودون إعداد جيد للمقدمات، أو

للأساليب والوسائل» (?).

وقد وجه الله تعالى أنظارنا إلى هذه السنة في أكثر من موقع، فالله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام، يعلمها سبحانه ويعلم مقدارها، وكان - جل شأنه - قادرا على خلقها في أقل من لمح البصر.

وكذلك بالنسبة لأطوار خلق الإنسان والحيوان والنبات كلها تندرج في مراحل حتى تبلغ نماءها وكمالها ونضجها وفق سنة الله تعالى الحكيمة.

وسنة التدرج ثابتة في التشريع الإسلامي بصورة بينة ملموسة، وهذا من تيسير الإسلام على البشر، إنه راعى معهم سنة التدرج فيما يشرعه لهم إيجابا وتحريما، فتجده حين فرض الفرائض كالصلاة والصيام والزكاة فرضها على مراحل، ودرجات حتى انتهت إلى الصورة الأخيرة التي استقرت عليها (?).

ولقد أشارت السيدة عائشة رضي الله عنها إلى سنة التدرج في التشريع ونزول القرآن فقالت: «إنما أنزل القرآن سورا فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر ولا تزنوا لقالوا: لا ندع الخمر ولا الزنا أبدا» (?).

وأوضح مثال معروف في هذه القضية هو التدرج في تحريم الخمر: فلقد كانت متغلغلة في نفوس الناس بصورة كبيرة، فكان من الحكمة أن يفطموا عنها

بطريقة تدريجية (?).

وكان القضاء على الرق خاضعًا لسنة التدرج. يقول الدكتور القرضاوي: «ولعل رعاية الإسلام للتدرج هي التي جعلته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015