لا يقدم على إلغاء نظام الرق الذي كان نظاما سائدا في العالم كله عند ظهور الإسلام، وكان محاولة إلغائه تؤدي إلى زلزلة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية, فكانت الحكمة في تضييق روافده، بل ردمها كلها، ما وجد إلى ذلك سبيلا، وتوسيع مصارفه إلى أقصى حد، فيكون ذلك بمثابة إلغاء الرق

بطريق التدرج» (?).

يقول أبو الأعلي المودودي: «إننا درسنا القرآن الكريم والسنة المطهرة دراسة عميقة علمنا كيف وبأي تدرج وانسجام تم التغيير الإسلامي في بلاد العرب، ومنها إلى العالم كله على يد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , فلقد كانت الأمور تسير رويدا رويدا حسب مجراها الطبيعي حتى تستقر في مستقرها الذي أراده الله رب العالمين ... » (?).

إن الأمة الإسلامية التي تتطلع اليوم إلى تمكين الله تعالى لها لابد أن تراعي في عملها سنة التدرج، فما هدم في أعوام لا يمكن أن يبنى في أيام, فعليها أن تتبنى سياسة النفس الطويل والصبر الجميل، فتصبر على البذرة حتى تنبت، وعلى النبتة حتى تورق، وعلى الورقة حتى تزهر، وعلى الزهرة حتى تثمر، وعلى الثمرة حتى تنضج، وتؤتي أكلها بإذن ربها (?).

وينبغي للدعاة العاملين اليوم للإسلام أن: «يراعوا في عملهم سنة التدرج في تحقيق ما يريدون من أهداف، آخذين في الاعتبار سمو الهدف ومبلغ الإمكانات وكثرة المعوقات, فلا ينبغي أن يستعجل الشيء قبل أن يبلغ الأجل المقدور لمثله، فإن الزرع إذا حصد قبل إبانه، والثمر إذا قطف قبل أوانه لا ينتفع به النفع المرجو، بل قد يضر ولا ينفع, فإذا كان النبات لا يؤتي أكله إلا بعد أشهر أو سنة, وبعض الشجر لا يثمر قبل سنوات عدة فإن بعض الأعمال الكبيرة لا تقطع ثمارها إلا بعد عقود من السنين, وكلما كان العمل عظيما وقاعدته متسعة كانت ثمرته أبطأ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015