كل هذا؟ ليس في امتناعهم - في عدنا - أثر، ولا في الدين من ذلك ضرر (?).

فالرحمة - كما ترى - باعث دافع ومحرك للدعوة استنقاذا للناس من الهلاك، وهي في الوقت نفسه عامل استمرار واطراد وتوسيع لدائرة الاستيعاب والتأثير رغم الصد والإعراض (?).

ب- الحلم والأناة:

إن الحلم: «فضيلة خلقية نافعة .. تقع في قمة عالية دونها منحدرات، فهو أناة حكيمة بين التسرع والإهمال أو التواني، وضبط للنفس بين الغضب وبلادة الطبع، ورزانة بين الطيش وجمود الإحساس» (?).

والأناة عند الداعية إلى الله تعالى «تسمح له بأن يحكم أموره، ويضع الأشياء في مواضعها، بخلاف العجلة فإنها تعرضه للكثير من الأخطاء، والإخفاق، وتعرضه للتعثر والارتباك، ثم تعرضه للتخلف من حيث يريد السبق، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وبخلاف التباطؤ والكسل فهو أيضا يعرض للتخلف والحرمان من تحقق النتائج التي يرجوها» (?)، وقد امتدح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأشج فقال: «إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة» (?).

ومن الأمثلة من سيرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما رواه أنس بن مالك حيث قال: «جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس، فنهاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , فلما قضى بوله أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذنوب ماء أهريق عليه» (?).

لقد كانت مواقف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي تبين حلمه كثيرة جدا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015