{فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ ... " الآية فأتى (أي إبراهيم) بهذا الذي لا يقبل الترويج والتزوير والتمويه» (?).

ولا ريب أن الداعية مطالب بتفهم هذه الأساليب والإفادة منها ليكتسب فطنة تساعده على تقرير المسائل وإقامة الحجة وسرعة البديهة.

ولقد كان لأئمة الدعاة أقوال ومواقف دلت على رجاحة عقولهم وقوة حجتهم، فهذا القاضي أبو بكر الباقلاني سأله بعض النصارى بحضرة ملكهم فقال: ما فعلت زوجة نبيكم؟ وما كان من أمرها بما رميت من الإفك؟ فقال الباقلاني على البديهة: هما امرأتان ذكرتا بسوء، مريم وعائشة فبرأهما الله عز وجل, وكانت عائشة ذات زوج ولم تأت بولد، وأتت مريم بولد ولم يكن لها زوج (?).

فكان هذا الجواب في غاية الروعة والإفحام، لأن ذلك الخبيث أراد التعريض والإحراج بقصة حادثة الإفك التي اتهمت فيها عائشة رضي الله عنها، فأجاب الباقلاني بأن هذه فرية برأها الله منها ولكنه قرن ذلك بذكر مريم، ليشير إلى أن براءة عائشة عقلا أولى، لأن لو تطرق إلى العقل احتمال الريبة فهو في حق مريم أعظم، فإن قبلتم أيها النصارى براءتها فيلزمكم قبول براءة عائشة من باب أولى (?).

رابعًا: رحابة الصدر وسماحة النفس:

إن الداعية الرباني في العادة يتحلى برحابة الصدر وسماحة النفس ليستوعب الناس ويستميلهم للخير والحق, «فالناس في حاجة إلى كنف رحيم، وإلى رعاية فائقة، وإلى بشاشة سمحة، وإلى ود يسعهم، وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم، في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ويحل همومهم ولا يعنيهم بهمه ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015