جـ- أسلوب الإمرار والإبطال:

وهو أسلوب قوي في إفحام المعاندين أصحاب الغرور والصلف بإمرار أقوالهم وعدم الاعتراض على بعض حججهم الباطلة منعا للجدل والنزاع خلوصا إلى حجة قاطعة تدمغهم وتبطل بها حجتهم تلك فتبطل الأولى بالتبع.

ومن الأمثلة القرآنية:

قال تعالى في قصة إبراهيم مع النمرود: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ

يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ

الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258].

وقد أحسن صاحب الظلال في توضيح هذا الأسلوب حيث قال: «عرَّف إبراهيم بالصفة التي لا يمكن أن يشاركه فيها أحد، ولا يمكن أن يزعمها أحد ... وهذا الملك يسأله عمن يدين له بالربوبية، ويراه مصدر الحكم والتشريع وغيره، قال {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ" فهو من ثم الذي يحكم ويشرع، ثم قال تعليقا على قوله تعالى: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ" لم يرد إبراهيم عليه السلام أن يسترسل معه في جدل حول معنى الإحياء والإماتة مع رجل يماري ويداور في تلك الحقيقة الهائلة، حقيقة منح الحياة وسلبها، هذا السر الذي لم تدرك منه البشرية حتى اليوم شيئا، وعندئذ عدل عن هذه السنة الكونية الحقيقية إلى سنة أخرى ظاهرة مرئية، وعدل عن طريقة العرض المجرد للسنة الكونية والصفة الإلهية في قوله: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ" إلى طريقة التحدي, وطلب تغيير سنة الله لمن ينكر وتنعت ويجادل في الله» (?).

وعلق بمثل قوله السعدي في تفسيره فقال: «فلما رآه الخليل مموها تمويها ربما راج على الهمج والرعاع قال إبراهيم ملزما بتصديق قوله: إن كان كما يزعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015