الله إن القوم لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة .. (?).
فقام نعيم بن مسعود بزرع الشك بين الأطراف المتحالفة بأمر من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأغرى اليهود بطلب رهائن من قريش لئلا تدعهم وتنصرف عن الحصار، وقال لقريش بأن اليهود إنما تطلب الرهائن لتسليمها للمسلمين ثمنا لعودتها إلى صلحهم، لقد اشتهرت قصة نعيم بن مسعود في كتب السيرة وإن كانت لا تثبت من الناحية الحديثية إلا إنها لا تتنافى مع قواعد السياسة الشرعية فالحرب خدعة (?). وقد نجحت دعاية نعيم بن مسعود أيما نجاح، فغرست روح التشكيك وعدم الثقة بين قادة الأحزاب، مما أدى إلى كسر شوكتهم وتهبيط عزمهم، وكان من أسباب نجاح مهمة نعيم قيامها على الأسس التالية:
1 - أنه أخفى إسلامه عن كل الأطراف، بحيث وثق كل طرف فيما قدمه له من نصح.
2 - أنه ذكَّر بني قريظة بمصير بني قينقاع وبني النضير وبصَّرهم بالمستقبل الذي ينتظرهم إن هم استمروا في حربهم للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فكان هذا الأساس سببًا في تغيير أفكارهم وقلب مخططاتهم العدوانية.
3 - أنه نجح في إقناع كل الأطراف بأن يكتم كل طرف ما قاله له, وفي استمرار هذا الكتمان نجاح في مهمته، فلو انكشف أمره لدى أي طرف من الأطراف لفشلت مهمته، وقد حققت مساعي نعيم في تخذيل بني قريظة أمرين مهمين لجيش النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهما:
1 - أن المسلمين بعد انسحاب بني قريظة من التحالف مع الأحزاب أصبحوا في أمان لأن هؤلاء اليهود كانوا يسكنون المدينة فلو بقوا في هذا التحالف لما أمن