من السحر قال: «أين الأدلاء؟») (?) ثم إنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اختار الطريق المناسب الذي يسلكه حتى يصل إلى أرض المعركة, وذكر صفة ينبغي أن تتوافر في هذا الطريق وهو السرية، حتى لا يرى الأعداء جيش المسلمين، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه: «من رجل يخرج بنا على القوم من طريق لا يمر بنا عليهم؟» فأبدى أبو خيثمة - رضي الله عنه - استعداده قائلا: أنا يا رسول الله ونفذ به بين بساتين بني الحارثة (?). ولاشك في أن مروره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين الأشجار والبساتين يدلنا على حرصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الأخذ بالاحتياطات الأمنية المناسبة في أثناء السير، لأن الطرق العامة تكشف للأعداء عن مقدار قوات المسلمين وهذا أمر محذور.
فالرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلم الأمة الأخذ بالسرية من حيث المكان, ومن حيث الزمان، لئلا يتمكن الأعداء من معرفة قواتهم فيضعوا الخطط المناسبة لمجابهتها، وبذلك يذهب تنظيم القادة وإعدادهم مهب الرياح (?).
وفي غزوة الخندق يظهر دور جهاز أمن الدولة الإسلامية بارزًا, فقد كان يتابع أخبار الأحزاب ويرصد تحركاتهم ويزود القيادة بجميع المعلومات، فقام فرع مكة الأمني بإرسال معلومات دقيقة ساعدت القيادة في رسم الخطط قبل وصول الأعداء للمدينة،
وأرسل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طليعة تتابع الأمور على كثب وترسل المعلومات الدقيقة، ولقد كان حفر الخندق مفاجأة مذهلة لأعداء الإسلام وأبطل خطتهم التي رسموها, وكان من عوامل تحقيق هذه المفاجأة ما قام به المسلمون من إتقان رفيع لسرية الخطة وسرعة إنجازها، وكان هذا الأسلوب الجديد في القتال له أثر في إضعاف معنويات الأحزاب وتشتيت قواتهم ومارس - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سلاح التشكيك والدعاية لتمزيق ما بين الأحزاب من ثقة وتضامن بعد أن ساق المولى عز وجل نعيم بن مسعود الغطفاني إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليعلن إسلامه وقال له: يا رسول