النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , ولما بلغ الجيش ذا الحليفة أرسل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عينين له وهما: ابنا فضالة، فاعترضا لقريش بالعقيق فسارا معهم حتى نزلوا بالوطاء ثم رجعا إلى المدينة وأخبرا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك (?).
ولقد حرص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حصر تلك المعلومات على المستوى القيادي خوفا من أن يؤثر هذا الخبر على معنويات المسلمين قبل إعداد العدة من تخطيط وترتيب، ولذلك حين قرأ أبيّ الرسالة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استكتمه ما فيها وحينما دخل بيت سعد بن الربيع قال: (أفي البيت أحد؟) فقال سعد: لا، فتكلم بحاجتك، فأخبره بكتاب العباس بن عبد المطلب، فانصرف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستكتم سعدا الخبر (?).
وفي هذا تعليم للقيادة الإسلامية على أهمية كتم الأسرار وما يتصل بها حتى عن أقرب الناس إليهم من زوجات وأولاد ومن في حكمهم، وإذا دعت الضرورة إلى نشر شيء من ذلك، فينبغي أن يكون لمن يحفظ السر حتى لا يلحق المسلمين بسبب ذلك ضرر.
وبعد أن عقد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المجلس الاستشاري ووُضعت الخطة المناسبة، اختار - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الوقت المناسب للتحرك والطريق التي تناسب خطته، فقد تحرك بعد منتصف الليل، حيث يكون الجو هادئا، والحركة قليلة وفي هذا الوقت بالذات يكون الأعداء - غالبًا- في نوم عميق، لأن الإعياء ومشقة السفر قد أخذا منهم مجهودًا كبيرًا.
ومن المعروف من نام بعد تعب يكون ثقيل النوم، فلا يشعر بالأصوات العالية والحركة الثقيلة.
قال الواقدي - رحمه الله -: (ونام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أدلج، فلما كان