للتغييرات التي حدثت في مجتمعهم ومن أهمها .. ظهور هذا الدين (?) ولم تقتصر آثار الهجرة على مكة وحدها «فإن وجود عناصر مكية في المدينة لفت انتباه جميع من فيها وفي ذلك إعلان كبير .. عن هذا الدين» (?).
ومن هنا كانت الهجرة أسلوبًا إعلاميًّا فريدًا قل أن يكون له مثيل في التاريخ (?).
2 - بناء المسجد:
قال تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُّحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
سواء كانت هذه الآية نزلت في قباء أو المسجد النبوي الشريف فإن الملاحظ أن أول عمل قام به الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند قدومه إلى المدينة هو بناء مسجد, ولم يكن الهدف الوحيد من هذا المسجد هو الصلاة، بل كان مركزًا إسلاميًا عاما يجتمع فيه المسلمون من جميع القبائل ليتعلموا فيه أمور دينهم (?). ويقول الدكتور إبراهيم إمام: «أراد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يبدو أن يبني مكانا لا ينتمي إلى هذه القبيلة أو تلك, ولا يجتمع فيه أفراد من أسرة خاصة بل أن يشيد مكانا للجميع وهو بيت الله» (?).
وفي هذا إعلام لجميع المسلمين الموجودين في المدينة وغيرها أن هذا الدين دين الله وأنه يقضي على العصبيات مهما كانت وعلى أي أساس وجدت، وأن مقياس التفاضل فيه إنما هو بتقوى الله عز وجل, قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] , فلو أقام المسجد في بيت من بيوت إحدى القبيلتين الموجودتين في المدينة لوجدت القبيلة الأخرى في نفسها شيئا من ذلك واعتبرته تفضيلاً لها, فكان هذا العمل من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه من الحكمة ما لا يخفى.