كما أن القرآن الكريم غني بالأساليب الإعلامية سواء كانت قولية أو عملية، فمن القولية مثلا: أسلوب الهدم والبناء، والتقابل، التبشير بغد أفضل، الجدل، التهديد، تشويه الصورة، تحسين الصورة، ومن الأساليب الإعلامية العملية، القدوة الحسنة، العفو عند المقدرة، الثبات على الحق (?).

ولقد مارس الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المنهج القرآني الإعلامي، وقام ببعض الأعمال العظيمة التي حققت أهدافًا إعلامية وساهمت في انتشار هذا الدين والتمكين له في قلوب العباد وفي البلاد فمثلا:

1 - الهجرة:

اضطهد المكيون الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى وصل بهم الأمر إلى التفكير في التخلص منه, قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30] , فأمره الله تعالى بالهجرة إلى المدينة قال تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التوبة: 40].

فخرج الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعه أبو بكر الصديق متوجها إلى المدينة تنفيذا لأمر الله تعالى له, ولم يكن خروج الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مكة إلى المدينة خوفا ولا هربا من المشركين «بل تعليم للأمة ضرورة أخذ الحيطة في الأزمات وليقف على تحركات قريش ويعلم مقاصدهم ولينكشف ما اعتزموا عليه» (?).

وكان هذا العمل من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أبلغ الأساليب الإعلامية في الإسلام وكانت له آثار إعلامية في داخل مكة وخارجها، فأهل مكة شعروا بأن هؤلاء لم يتركوا أهلهم ووطنهم وأموالهم إلا من أجل قوة إيمانهم بصدق ما هم عليه من حق. كما أن هذه الهجرة «أوجدت فراغًا كبيرًا في مكة, ولفت هذا الفراغ المكيين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015