الصراع الإعلامي المرير بين الحق والباطل وأن العاقبة ستكون له وللمؤمنين, والخزي والفشل لأعداء هذا الدين قال تعالى: {وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ - إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل:127، 128].
ومن الملاحظ أن القرآن الكريم قد انتهج هذا الدستور مع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , فأول ما نزل من القرآن الكريم هو إعلام الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحقيقة «قاعدة التصور الإيماني العريض» (?) , قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ - عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5].
«فالله هو الذي خلق وهو الذي علم, فمنه البدء والنشأة, ومنه التعليم والمعرفة .. والإنسان يتعلم ما يتعلم ويعلم ما يعلم .. فمصدر هذا كله هو الله الذي خلق
والذي علم» (?).
وكانت هذه هي البداية مع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأول ما نزل عليه من القرآن الكريم كان الهدف منه إعلام الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقاعدة التصور الإيماني والإيمان بها، فلما علم هذه القاعدة وآمن بها أمره الله تعالى «بالعبادات الفاضلة والقاصرة» (?) عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , ومن أهمها قراءة القرآن وصلاة الليل, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ - قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً - نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً - أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل: 1 - 4].
ولما علم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حقيقة قاعدة «التصور الإيماني» وعمل بمقتضاها، صار عنده استعداد ذاتي لتصدير هذه الرسالة إلى الناس، فعندها أمره الله تعالى «بإعلان هذه الدعوة والصدع بها» (?) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1 - 3].