والجوع وخرج من الشدائد وعاد إلى الرخاء. وفي هذا القصص القرآني إشارات إلى واقع تخطيطي لكي ندرك أن الإسلام لا يقوم على التخمين أو التواكل، ولكنه يهتم بأدق الأساليب وأعمقها سواء في جوانب الاقتصاد أو السياسة أو غيرها.
ب- من سيرة سيد الخلق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
إن سيرة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معلم بارز في جميع جوانب الحياة ونلحظ من سيرته العطرة جانب التخطيط وإحكام الإدارة ودقة التنظيم في كل مراحل دعوته، فإذا نظرنا مثلا إلى الهجرة النبوية نجد أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وضع لها خطة احتوت على هذه العناصر: تحديد الهدف، تنظيم الوسائل، رسم أسلوب التنفيذ، محاولة التنبؤ بالمستقبل، ولذلك
نلاحظ الآتي:
- تحديد الهدف:
لقد حدد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هدفه من الهجرة، وهو مغادرته هو وأصحابه مكة إلى المدينة آمنين، ثم نشر دعوة الإسلام في بيئة جديدة تتطلع إلى رسالة رب العالمين، وتدافع عن المؤمنين وتدفع عنهم الأذى, قال تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 100].
- تنظيم الوسائل واختيار المكان:
فحين أوحى الله إلى نبيه بالهجرة، كانت الوسيلة والسبيل إلى تحقيق هذا الأمر، هو التخطيط والتدبير حتى يضمن نجاح مهمته، ولقد كان للهجرة مقدماتها ومنها:
1 - حسن اختيار الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمكان، وكان هذا بوحي من الله عز وجل.
2 - والمدينة لأنها توفي بالمقصد، وتتناسب مع الهدف.
3 - وبها صلات القربى، بنو النجار أخوال جده عبد المطلب من قبيلتي الأوس والخزرج.