وتظهر معالم التخطيط والإدارة في كلمات يوسف عليه السلام حيث إن التخطيط يعتبر وظيفة أساسية من وظائف الإدارة التي لا يمكن لها أن تكون فعالة بدونها، كما أن التخطيط في حقيقته يعتمد على دعامتين وخمسة عناصر، أما الدعامتان فهما: التنبؤ والأهداف، وأما العناصر فهي: السياسات والوسائل والأدوات والموارد المادية والبشرية والإجراءات والبرامج الزمنية والموازنة التخطيطية التقديرية (?).
إن كتب علم الإدارة والتخطيط الحديث تقول: إنه لا إدارة فعالة إلا بتنظيم ووفق تخطيط سليم مسبق, وهذا عين الذي زاوله يوسف عليه السلام، لقد جاء الحكم يوم جاء وبرنامجه الإصلاحي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي والإعلامي والزراعي كل ذلك في ذهنه قد أعد إعدادا كاملا دقيقا.
إن دعامتي التخطيط: التنبؤ، والأهداف:
أما التنبؤ فاستشراف المستقبل واستشفاف الآتي، وهذا عين ما كان من يوسف بما علمه الله تعالى, ثم نجده أيضا قد حدد الأهداف في مضاعفة الإنتاج وتقنين الاستهلاك أو ترشيده، ثم تخزين الطعام وهذا يقتضي خطة تفصيلية لأن الهدف العام الكبير ليس شيئا إن لم يقترن بخططه التفصيلية, وهنا يأتي دور السياسات والوسائل والأدوات والموارد البشرية والإجراءات والبرامج الزمنية والموازنة التقديرية.
هذا هو ما فعله يوسف عليه السلام على ضوء علم الإدارة الحديث, وإن كان القرآن الكريم حصر كلام يوسف عليه السلام في جمل جامعة وجيزة ولم يشر إلى تنمية الإنسان، لكنها متضمنة قطعًا ضمن الخطة، لأن القرآن الكريم علمنا أن الإنسان إنما هو نفسيته ومضمونه ومحتواه وأن تغيير الخارج بدون تغيير الداخل لا يغير نقيرًا.
لقد وضع يوسف عليه السلام العنصر البشري في خطته لعلمه أنه لا تنجح خطة ليس وراءها الإنسان الذي ينفذها، وأما منهجه في التعامل مع الإنسان فقد ظهر