مَسْأَلَةٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبِ بْنِ نَصْرٍ: سَأَلْت سَحْنُونَ عَنْ الزَّنْقَةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ لِأَقْوَامٍ فِيهَا أَبْوَابُ دُورِهِمْ، وَدُبُرُ رَجُلٍ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا حَائِطٌ دُبُرَ دَارِهِ، وَكَنِيفٌ قَدِيمٌ فِي الزَّنْقَةِ مُلْصَقٌ بِهَذَا الْحَائِطِ، وَلِلْكَنِيفِ قَنَاةٌ تَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا فِي الزُّقَاقِ إلَّا هَذَا الْكَنِيفُ، وَبِئْرٌ مُغَطًّى، وَالْقَنَاةُ لَمْ يَجْرِ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ زَمَانٍ، فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ فَتْحَ الْقَنَاةِ إلَى الْكَنِيفِ وَيَجْرِي فِيهَا الْعَذِرَةُ فَمَنَعَهُ أَهْلُ الزَّنْقَةِ، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُمْ مَنْعَةٌ إلَّا أَنْ يَدَّعُوا الْكَنِيفَ فَيُكْشَفُ عَنْ دَعْوَاهُمْ، فَأَمَّا إنْ لَمْ يَدَّعُوهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ بِهَذِهِ الرُّسُومِ وَالْآثَارِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِصَاحِبِ هَذِهِ الدَّارِ.
فَرْعٌ: وَإِذَا أُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ بَابٌ أَوْ كُوَّةٌ وَثَبَتَ ضَرَرُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْبَابَ يُغْلَقُ غَلْقًا حَصِينًا وَتُقْلَعُ مِنْهُ الْعَتَبَةُ لِئَلَّا تَكُونَ حُجَّةً عِنْدَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرُوا فِي الْكُوَّةِ إذَا سُدَّتْ أَنَّهُ يُقْلَعُ مِنْهَا الْعَتَبَةُ الْعُلْيَا لِئَلَّا يَكُونَ حُجَّةً، وَتُغَيَّرَ عَضَائِدُ الْبَابِ وَلَا يَكُونَ غَلْقُهُ إلَّا بِالْحِجَارَةِ وَالطُّوبِ وَقَلْعِ الْعَتَبِ حَتَّى لَا يُشَكَّ فِيهِ أَوْ يُرْتَابَ أَنَّهُ بَابٌ.
فَرْعٌ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ أَشْهَبُ إذَا تَدَاعَيَا جِدَارًا مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا، وَعَلَيْهِ جُذُوعٌ لِلْآخَرِ فَهُوَ لِمَنْ اتَّصَلَ بِبِنَائِهِ، وَلِصَاحِبِ الْجُذُوعِ مَوْضِعُ جُذُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ حَوْزُهُ، وَيُقْضَى بِالْجِدَارِ لِمَنْ عَلَيْهِ عُقُودُ الْأَرْبِطَةِ، وَلِلْآخَرِ بِمَوْضِعِ جُذُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَشْرُ خَشَبَاتٍ عَلَيْهِ، وَلَا رُبُطَ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا عَلَى عَدَدِ الْخَشَبِ، وَتَبْقَى خُشْبَانُهَا بِحَالِهَا، وَإِنْ انْكَسَرَتْ خَشَبَةُ أَحَدِهِمَا رَدَّهَا مِثْلَ مَا كَانَتْ، وَلَا يُجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَحْتَ خَشَبِهِ مِنْهُ.
فَرْعٌ: وَلَوْ كَانَتْ عُقْدَةٌ لِأَحَدِهِمَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَلِلْآخَرِ فِي مَوْضِعٍ قُسِمَ بَيْنَهُمَا عَلَى عَدَدِ الْعُقُودِ، وَإِنْ لَمْ يُعْقَدْ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ خَشَبٌ مَعْقُودَةٌ بِعَقْدِ الْبِنَاءِ، أَوْ مَنْقُوبَةٌ فَعُقَدُ الْبِنَاءِ يُوجِبُ مِلْكَ الْحَائِطِ، لِأَنَّهُ فِي الْعَادَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ، وَقِيلَ: لَا يُوجِبُهُ فِي الْمَنْقُوبَةِ نَظَرًا لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ عَلَى الْحَائِطِ.