بِهَا لَا بِإِيقَاعِهَا، فَلَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا عَلَى شَاهِدٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ آخَرُ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ حَيٍّ وَإِلَّا لَمْ يَحْيَى، قَالَ فَضْلٌ: مَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَكُنْ فِي دِيوَانِ الْقَاضِي، وَقَدْ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيزَ شَهَادَاتٍ وَجَدَهَا فِي دِيوَانِهِ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا بِطَوَابِعِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِخَطِّ يَدِهِ أَوْ خَطِّ كَاتِبِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَأْمُونًا فَلْيُنَفِّذْهَا.
مَسْأَلَةٌ: وَيَكْفِي عِنْدَ أَشْهَبَ فِي ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ اللَّوْثُ يَكْفِي فِيهِ الشَّاهِدُ الْعَدْلُ، وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَكْفِي فِيهِ الشَّاهِدُ غَيْرُ الْمُعَدَّلِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ.
مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ إخْبَارٌ، وَالْخَبَرُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَئُولُ إلَى الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاثْنَيْنِ.
مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْكَاشِفِ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتَّخِذَهُ يُخْبِرُهُ بِمَا تَقُولُ النَّاسُ فِي أَحْكَامِهِ وَسِيرَتِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيِّ أَوْ فِي قَدِمَ الْعَيْبِ، وَكَانَ الْعَيْبُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ، كَالْأَمْرَاضِ الَّتِي تَحْدُثُ بِالنَّاسِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ، فَإِنْ وُجِدُوا وَإِلَّا قُبِلَ غَيْرُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُسْلِمِينَ. قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَافٍ، وَالِاثْنَيْنِ أَوْلَى إذْ طَرِيقُ ذَلِكَ الْخَبَرُ لَا الشَّهَادَةُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُرَدُّ مِنْ الْعُيُوبِ إلَّا مَا اجْتَمَعَ فِيهِ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَعِيبُ حَيًّا حَاضِرًا، فَيَجُوزُ فِيهِ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِاثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا وَهَذَا أَبْيَنُ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الْقَاضِي أَرْسَلَهُمْ لِيَقِفُوا عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَوْقَفَ عَلَيْهِ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ، فَلَا يَثْبُتُ بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، إلَّا بِعَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.