ثم أن محبتنا لنبينا صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تنقلب إلى سلوك، فكما ينبغي أن تستقر في القلب ينبغي أن تنقلب إلى سلوك، وذلك أن الإنسان ينظر أين هديه من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس الدين أن تأخذ من الشرع ما يناسبك وتترك ما لا يناسبك، ولكن الدين أن تعلم أنه مبني على قاعدة واحدة قالها صلى الله عليه وسلم، وهي قوله: (إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإن أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم)، فالقدرات تختلف، وأما النهي الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم فإنه يجب أن تنتهي عنه، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الزنا فعن شرب الخمر وعن إيذاء المؤمنات وعن أمور عدة من المحرمات، فهذه لا مجال للأخذ والعطاء فيها، بل ينتهي المؤمن فيها إلى أمر الشرع.
أما ما أمرنا الله به فالناس يختلفون فيه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (فائتوا منه ما استطعتم)، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام يوم وإفطار يوم أمر محمود، ولكن ليس كل الناس يطيق الصيام، والأمر بالإنفاق أمر محمود، ولكن ليس كل الناس يملك المال، وعلى هذا قس أمورك، فما أمرك به النبي عليه الصلاة والسلام افعل منه ما تستطيع أن تفعله، وأما ما نهاك النبي عليه الصلاة والسلام عنه فانته عنه بالكلية حتى يكون اتباعك لنبينا صلى الله عليه وسلم طريقا لك إلى رحمة الله جل وعلا ومغفرته في جناته جنات النعيم.