ثم قال تعالى: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} [التوبة:107]، الإرصاد: التربص والترقب، وكان هناك رجل يقال له: أبو عامر الفاسق، وكان يقال له في الجاهلية: أبو عامر الراهب، وقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد: لا أجد قوماً يقاتلونك إلا قاتلتك، فقاتله حتى مع هوازن يوم حنين، ثم خرج إلى قيصر وقال للمنافقين الذين في المدينة: ابنو المسجد وترقبوا عودتي من قيصر بالجنود حتى نخرج محمداً وأصحابه منها، فهذا معنى قول الله: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} [التوبة:107]، والمقصود هو أبو عامر الراهب، وهو والد حنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة، فسبحان من يخرج الحي من الميت، وليس هناك حياة أعظم من حياة الإيمان، ولا موت أعظم من موت الكفر.
ثم قال تعالى: {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى} [التوبة:107]، ولا يوجد إنسان يريد أن يضل الناس فيقول لهم: أنا أريد أن أضلكم، فالله يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة:11]، وهنا قال تعالى: {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة:107]، فقال الله لنبيه: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة:108] فأحرقه صلى الله عليه وسلم.