كما أنه ينبغي عليك أن تسعى -أيها الأخ المبارك- في تزكية نفسك، فاجعل لنفسك حظاً من الليل تقوم فيه بين يدي ربك جل وعلا تتلو القرآن وتسمعه وتقرؤه، وتسجد لله، وتتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وليكن بينك وبين الله أعمال في السرائر لا يعلمها أحد كائناً من كان، تجعلها ذخراً لك بين يدي رب العالمين جل جلاله.
فما أنت فيه طلبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب فلم ينله، وتمناه إبراهيم لأبيه فلم ينله، وتمناه نوح لأحد أبنائه فلم ينله، وكتبه الله جل وعلا لك، فقدم بك إلى بيت من بيوت الله تطلب فيه العلم، فلا تنشغل عن العلم بشيء آخر، فاسهر ليلك لتدوين المسائل، وقراءة القرآن، وحفظ المتون، ولا تنشغل بزيد وزيد أقل، وفلان أحبه وفلان أبغضه، بل اشغل نفسك بطاعة الله، وأكثر من الاستغفار، قال الله جل وعلا: {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النمل:46]، فأعظم ما يجلب الرحمة كثرة استغفار الله.
ومن الرحمة أن توفق لطلب العلم والبلوغ فيه، ونفع الناس بعد ذلك إذا مكنت منه.