ثم ذكر الله جل وعلا قوم لوط، والذي يعنينا في قوم لوط أن الله عذبهم بأن جعل قريتهم عاليها سافلها؛ لأن الله يعذب بجنس العمل، ففرعون قال: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف:51]، فمات غرقاً في الأنهار التي يزعم أنه يملكها.
وقوم لوط مع الشرك بالله جاءوا بالفاحشة العظيمة، وهي إتيان الذكران من العالمين، وإتيان الذكران قلب للفطرة، فعاملهم الله في العذاب بجنس المعصية، فقلب عليهم الديار، والأمم التي قبلهم مثل عاد وثمود عذبت بالصيحة، ولم تعذب بالقلب، قال الله: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحجر:74]، فقلب الله عليهم الأرض التي كانوا يسكنونها بجنس المعصية التي كانوا عليها عياذاً بالله، وهي إتيان الذكران من العالمين.
وقال الله في قصة لوط: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر:34]، وقد أخذ العلماء من هذه الآية فضيلة السحر، وهي واردة كثيراً، والسحر من أفضل الأوقات.