والمقصود بذوي القربى قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقول الله جل وعلا: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال:41] أي: قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، واختلف العلماء في قرابة النبي صلى الله عليه وسلم الذين يتم تقسيم خمس الغنائم عليهم على ثلاثة أقوال: الأول: أنهم قريش كلها، باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم من قريش، وهذا أضعف الأقوال.
الثاني: أنهم بنو هاشم فقط، وهذا قول مالك والأوزاعي رحمهما الله ومن تبعهما من العلماء.
وذهب الإمام أحمد والشافعي وكثير من العلماء -وهو الصحيح إن شاء الله- إلى أن المقصود به بنو هاشم وبنو المطلب.
ودليل هذا القول أن النبي عليه الصلاة والسلام اسمه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فـ هاشم هو ابن عبد مناف، وقد ترك عبد مناف أربعة أبناء؛ فترك هاشماً وعبد شمس ونوفلاً والمطلب.
فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء من هاشم، فبنو هاشم يستحقون الخمس لأنهم آل النبي صلى الله عليه وسلم آله.
ولما جاءت قريش وحاصرت في شعب أبي طالب النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته من بني هاشم في الشعب دخل بنو المطلب مع بني هاشم في الشعب يناصرونهم، فحفظها النبي صلى الله عليه وسلم لهم، فلما جاء يقسم الغنائم بعد خيبر جاءه من ذرية عبد شمس عثمان بن عفان، وجاءه من ذرية نوفل جبير بن مطعم وقالا في معنى كلامهما: يا رسول الله! إن كونك تعطي بني هاشم لا نعترض عليه؛ لأن الله أعزهم بك، ولكنك أعطيت إخواننا من بني المطلب، ونحن وبنو المطلب شيء واحد، فلماذا فرقت بيننا؟! فقال صلى الله عليه وسلم: (إن بني المطلب لم يفارقونا في جاهلية ولا في إسلام)؛ لأنهم دخلوا معه في الشعب، ثم شبك بين أصابعه وقال: (إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد).
فأصبح هذا الحديث حجه ظاهره على أنهم يعطون من الخمس كما يعطى بنو هاشم.
وهناك مثل يقول: (إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل)، فهذا الحديث نص في الموضوع، ويعتذر للعلماء الذين قالوا: إنها محصورة في بني هاشم أو عامة في قريش كلها.