ثم قال الله جل وعلا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة:29]، هذه الآية -كما يقول عنها الأصوليون- دلت على أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة، وأكدها الله جل وعلا بقوله: {جَمِيعًا} [البقرة:29].
فالأصل في المخلوقات الطهارة والإباحة إلا ما دل الدليل على نجاسته أو دل الدليل على حرمته، فالناقل عن الأصل هو الذي يحتاج إلى دليل، فالأصل في البيوع -مثلاً- الحل، قال الله جل وعلا: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة:275]، فمن قال: هات دليلاً على أن هذا البيع حلال، قلنا له: لا نحتاج إلى دليل، بل تحتاج إليه أنت إن قلت: إنه حرام والعبادات الأصل فيها المنع إلا ما دل الدليل على شرعيته، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21].