قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164] وإفراد موسى هنا بالذكر تشريف له صلوات الله وسلامه عليه، فموسى أعظم أنبياء بني إسرائيل، وهو كليم الله وصفيه، قال الله عنه: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [الأعراف:144] وفي اللغة شيء يسمى مفعولاً مطلقاً، ويأتي على ثلاثة أنواع: إما مبيناً للعدد، وتقول: ضربت فلاناً ستاً، أي: ست ضربات، وإما مبيناً للنوع، فتقول: أكرمت زيداً إكراماً كثيراً، وإما أن يأتي مؤكداً حدوث الفعل، كما في هذه الآية: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164] فهذا تأكيد أن الله كلم موسى، أما كيف كلمه فلا ندري، ولكن كلمه بلا شك، وهناك فِرَقاً حادت عن الصواب وقالت: إن الله لم يكلم موسى.
وكلم الله موسى في بدء النبوة عندما خرج من أرض مدين، فكلمه الله عند جبل الطور، وكان لا يدري أنه نبي ولا يدري أنه رسول.
وكلمه الله جل وعلا عندما واعده تبارك وتعالى، قال تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:142 - 143].