وبعد رفعه صدق النصارى اليهود في أن عيسى صلب وقتل، وقالوا: إن الله جل وعلا عدل، ومن عدله ألا يترك الخطيئة بلا عقوبة، فيقولون: إن آدم أكل من الشجرة فارتكب الخطيئة، فلما أكل من الشجرة وارتكب الخطيئة وأهبطه الله ورثت كل ذريته خطيئته.
فقالوا: لا بد من أن تكفر الخطايا عن الذرية، ولما كان الله من صفاته مع العدل الرحمة -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- بعث ابنه الذي هو عيسى، وأنزله إلى الأرض وأحله في الناسوت بدل اللاهوت، أي: في إنسي، وصلب وقتل حتى يكفر عن البشر كلهم خطيئة أبيهم آدم، فمن آمن بأن عيسى ضحى من أجل البشر أصبح مؤمناً وسينجو يوم القيامة، ومن لم يؤمن بأن عيسى ضحى من أجل البشر فإنه لا يعتبر مؤمنا! وعندهم ما يسمى بالتعميد، والتعميد صفته بأن يأتوا بالطفل -على خلاف في المذاهب عندهم- فيضعوه في مكان فيه ماء كحوض أو يرشوا عليه الماء، ويقولون: باسم الأب والابن وروح القدس! فإذا قالوا هذه الثلاثة اعتقدوا أن هذا الابن عُمد، وإذا عُمد طهر من الذنوب والخطايا، فأصبح قابلا للنجاة يوم القيامة، وعندهم جنة ونار وحساب بناء على هذا الاعتقاد.