تاملات (صفحة 180)

شروط انسجامها مع ضرورات السير العام، ثم بنظرة إلى الداخل لنحدد الطاقات التي يمكن توظيفها، من أجل المحافظة على البقاء في الداخل، والمحافظة على الاتجاه الصحيح في الخارج.

فأما من الجانب الأول فإن كل عربي يعلم أن نظرة الرئيس جمال عبد الناصر، خطّت للنهضة العربية الاتجاه الصحيح، الذي يحقق الشرط الأول للانسجام مع القانون العام، وهو الشرط الذي يخص وحدة المصير، لأن قضية وحدة المصير في الظروف التي نمر بها في صميم قضية السلام. ومن يخط سياسته الخارجية على مبدأ الحياد الإيجابي مثل ما فعل عبد الناصر- وقد كشفت الحوادث الأخيرة عن شدة تمسكه بهذا المبدأ- من يرسم سياسته الخارجية هكذا، فإنه يضمن للأمة العربية ولنهضتها شروط الانسجام مع القانون العام فيما يتصل بوحدة المصير.

ومن ناحية أخرى فإننا نجد في التخطيطات التي تجري الآن في الجمهورية العربية المتحدة، تحقيقاً لانسجام النهضة العربية مع ما يتصل بالجانب الثاني من القانون العام، وهو ما يتعلق بعوامل الشريع في التاريخ وسعة التطور في العالم: فإن فكرة التخطيط تلعب دوراً هاماً في العالم الحديث، لأنها تؤثر في الأوضاع النفسية والاجتماعية معا، إذ أنها تشخص الغايات قبل تحقيقها، فتزرع بذلك الأمل في النفوس الطامحة وتبث فيها روح التضحية والعمل. ولنا في تاريخنا القديم مثال ندل به على ذلك الأثر النفسي الذي ظهر واضحاً في نفس عمار بن ياس، حينما كان يقوم بمجهود عاملين في بناء أول مسجد في الإسلام. وفي تاريخنا الحديث مثال آخر يرينا الأثر النفسي عند (ستاخانوف) إبان النهضة السوفييتية، حينما قام بمجهود عاملين في التخطيطات الصناعية الأولى.

فإن الأول حينما رأى غايته في الحياة قد تمثلت له وكأنه يراها رأي العين، سعى إليها بدافع نفسي عجيب. ولا يختلف الثاني عن الأول في رؤيته لأهدافه وسعيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015