خَدِيجَة قَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا خَدِيجَة إِن جِبْرِيل جَاءَنِي وَالله يُقْرِئك السَّلَام، ويبشرك بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب ". فَقَالَت خَدِيجَة: الله السَّلَام وَمن الله السَّلَام وعَلى جِبْرِيل السَّلَام. رَوَاهُ الْأَزْرَقِيّ. وَذكر الْمرْجَانِي فِي " بهجة النُّفُوس " عَجِيبَة قَالَ: خرجت فِي بعض الْأَيَّام إِلَى زِيَارَة حراء وَكَانَ يَوْم السبت الثَّانِي من جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة، وَكَانَ يَوْم غيم فَلَمَّا كَانَ بعد الظّهْر سَمِعت لبَعض تِلْكَ الحجار فِيهِ أصواتاً عَجِيبَة فَرفعت حجرين مِنْهَا فِي كل كف حجر، فَكنت أجد رعدة الْحجر فِي يَدي وَهُوَ يَصِيح، ثمَّ إِنِّي رفعت يَدي فصاحت كل وَاحِدَة من أصابعي أَيْضا وَكَانَ مَحل الصياح قامة من الأَرْض فَمَا كَانَ على سمتها صَاح وَمَا كَانَ أرفع من ذَلِك أَو أَخفض لم يتَكَلَّم فَعلمت أَن ذَلِك تَسْبِيح فدعوت الله تَعَالَى بِمَا تيَسّر فَلَمَّا طلعت الشَّمْس سكت فقست الشَّمْس فَوجدت ظلّ كل شَيْء مثله وَمثل ربعه فقدرته بعد ذَلِك بالإسطرلان فَكَانَت تِلْكَ هِيَ السَّاعَة الْعَاشِرَة وَكَانَ صَوت الْحجر يسمع من مدى مائَة خطْوَة قَالَ: فَذكرت مَا رَأَيْته لوالدي - رَحمَه الله - فَقَالَ: وَأَنا جرى لي بحراء شبه ذَلِك وَذَلِكَ أَنا كُنَّا جمَاعَة بائتين بِهِ وَكَانَت لَيْلَة غيم فَقُمْت فِي أثْنَاء اللَّيْل وَإِذا بإبريق للْفُقَرَاء وَشبه النَّار خَارج مِنْهُ وَقد أَضَاء الْمَكَان من ذَلِك قَالَ: فأيقظت الْجَمَاعَة وَكنت أفتح كفي فَيبقى على رَأس كل إِصْبَع شعلة نَار مثل الشمع قَالَ: فَوضعت عمامتي على عكاز ورفعته فَأشْعلَ كالشعل فَذَكرنَا ذَلِك لبَعض الصَّالِحين فَقَالَ: مرت بكم سَحَابَة السّكُون. قَالَ الْمرْجَانِي: والصفتان وَاحِدَة إِلَّا أَنِّي رَأَيْت ذَلِك نَهَارا فَكَانَ ضوءاً وهم رَأَوْهُ لَيْلًا فَكَانَ نورا قَالَ: ثمَّ إِنِّي صعدت الْجَبَل أَيْضا يَوْم السبت الثَّامِن عشر من شَوَّال سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ معي جمَاعَة مِنْهُم " بِهِ " فاتفق لي مثل ذَلِك وَرَآهُ الْجَمَاعَة. قَالَ الْمرْجَانِي: وحَدثني وَالِدي عَن بعض من أدْركهُ من كبراء وقته أَنه كَانَ يصعد مَعَه إِلَى حراء فِي كل عَام مرّة فيلتقط ذَلِك الشَّخْص من بعض الْحِجَارَة قَالَ: فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: أخرج مِنْهَا نفقتي " بِهِ " الْعَام ذَهَبا إبريزاً. انْتهى كَلَام الْمرْجَانِي وَله شعر أنْشدهُ فِي فَضَائِل حراء وَمَا اخْتصَّ بِهِ من الكرامات وَهُوَ: تَأمل حراء فِي جمال محياه ... فكم من أنَاس فِي حلا حسنه تاهوا