فمما حوى من هجا لعلياه زيراً ... يفرج عَنهُ الْهم فِي حَال مرقاه بِهِ خلْوَة الْهَادِي الشَّفِيع مُحَمَّد ... وَفِيه لَهُ غَار لَهُ كَانَ يرقاه وقبلته للقدس كَانَت بغاره ... وَفِيه أَتَاهُ الْوَحْي فِي حَال مبداه وَفِيه تجلى الرّوح بالموقف الَّذِي ... بِهِ الله فِي وَقت البداءه سواهُ وَتَحْت تخوم الأَرْض فِي السَّبع أَصله ... وَمن بعد هَذَا اهتز بالسفل أَعْلَاهُ وَلما تجلى الله قدس ذكره ... لطور تشظى فَهُوَ إِحْدَى شظاياه وَمِنْهَا ثيبر ثمَّ ثَوْر بِمَكَّة ... كَذَا قد أَتَى فِي نقل تَارِيخ مبداه وَفِي طيبَة أَيْضا ثَلَاثًا نعدها ... فعيراً وورقاناً وأحداً روينَاهُ وَيقبل فِيهِ سَاعَة الظّهْر من دَعَا ... بِهِ وينادي من دَعَانَا أجبناه وَفِي أحد الْأَقْوَال فِي عقبت حرا ... أَتَى ثمَّ قابيل لهابيل غشاه وَمِمَّا حوى سرا حوته صخوره ... من التبر إكسيراً يُقَام سمعنها سَمِعت بِهِ تسبيحها غير مرّة ... وأسمعته جمعا فَقَالُوا سمعناه بِهِ مَرْكَز النُّور الإلهي مثبتاً ... فَللَّه مَا أحلى مقَاما بأعلاه قيل: كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِيهِ إِلَى الْقُدس وَقيل: إِنَّمَا كَانَ يُصَلِّي ذَلِك الْوَقْت إِلَى الْكَعْبَة ثمَّ انْتقل إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ بعد ذَلِك تحول إِلَى الْكَعْبَة قَالُوا: وَفِي حراء رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل فِي الْخلقَة الأولى لَهُ سِتّمائَة جنَاح قد سد الْأُفق. وَمِنْهَا جبل ثَوْر بِأَسْفَل مَكَّة وَسَماهُ البكرى أَبَا ثَوْر وَالْمَعْرُوف فِيهِ ثَوْر كَمَا ذكره الْأَزْرَقِيّ والمحب الطَّبَرِيّ وَهُوَ من مَكَّة على ثَلَاثَة أَمْيَال كَمَا ذكره ابْن الْحَاج وَابْن جُبَير وَقَالَ الْبكْرِيّ: إِنَّه على ميلين من مَكَّة وَإِن ارتفاعه نَحْو ميل. قَالَ الْمرْجَانِي: وسمى الْجَبَل ثوراً وَإِنَّمَا اسْمه الْمحل سمي بثور بن مَنَاة بن طائخة؛ لِأَنَّهُ كَانَ ينزله. وَصَحَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر الصّديق اختليا فِيهِ فِي غَار بِهِ وَهُوَ مَشْهُور يأثره الْخلف عَن السّلف، وَهُوَ الَّذِي ذكره الله سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآن فِي قَوْله: ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار " وَفِي حَدِيث الْهِجْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر لَحقا بِغَار فِي جبل ثَوْر بِأَسْفَل مَكَّة فدخلاه وَأمر أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ ابْنه عبد الله أَن يتسمع لَهما مَا يَقُول