هو غريغوريوس ابو الفرج بن اهرون المعروف بابن العبري ولد سنة 1226 للمسيح. وكانت ولادته في مدينة ملطية قاعدة ارمينية الصغرى. وكان أبوه وجيها في قومه نافذ الكلمة في اهل بلده كريما على عشيرته. فلما آنس من غريغوريوس حذقا ورأى منه ذكاء وفهما دفعه من صغره الى تلقّي الآداب والتخرّج في العلوم التي كانت لأهل ذلك العصر. فجد الولد في الحفظ واقبل على ارتشاف سلافة العلم فدرس اوّلا اليونانية والسريانية والعربية ثم اشتغل بالفلسفة واللاهوت وقرأ الطب على أبيه وغيره من مشاهير أطباء زمانه.
الّا انه بينما كان عاكفا على التحصيل جادّا في الطب انثالت المصائب على بلاده انثيالا وأفرغت النوائب إفراغا وتعاقب عليها الخراب من جانب المسلمين والفرنج والروم ثم من التاتار المغول الذين أسرفوا في القتل والنهب والسبي والحريق حتى لم يسمع في التاريخ عن جهة من الأرض انها أصيبت بمثل ما نزل بهذه البلاد من المخاوف والجوائح والمقاتل. وعندها فر به والده الى انطاكية وكان ذلك سنة 1243 فاختار ابو الفرج هنالك طريقة الزهد والنسك وانفرد في مغارة بالبرية. فلما انتهى خبر فضله الى اغناطيوس سابا بطريرك شيعته خف لزيارته في تلك المغارة وأبدى له غاية التجلة والتكريم. ولم يلبث غريغوريوس برهة في المغارة المشار إليها حتى شخص الى طرابلس الشام وأكمل قراءة البيان والطب مع رفيق له يسمى صليبا وجيه على عالم اسمه يعقوب من مذهب النساطرة.