التقوى والتواصل وقال: والله ما أصبحت ولي [1] على أحد من أهل القبلة موجدة الّا على إسراف ومظلمة. ثم تصدّق بثوبه ونزل. وتوفي عمر بن عبد العزيز في رجب لخمس بقين منه سنة احدى ومائة. وكانت شكواه عشرين يوما [2] . ولما مرض قيل له: لو تداويت. فقال: لو كان دوائي في مسح أذني ما مسحتها نعم المذهوب اليه ربي. وكان موته بدير سمعان ودفن به. وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر. وكان عمره تسعا وثلثين سنة. قال مسلمة بن عبد الملك: دخلت على عمر أعوده فإذا هو على فراش من ليف وتحته وسادة من أديم مسجى بشملة ذابل الشفة كاسف اللون وعليه قميص وسخ.
فقلت لاختي فاطمة وهي امرأته: اغسلوا ثياب امير المؤمنين. فقالت: نفعل. ثم عدت فإذن القميص على حاله. فقلت: ألم آمركم ان تغسلوا قميصه. فقالت: والله ما له غيره. فسبّحت لله وبكيت وقلت: يرحمك الله لقد خوّفتنا بالله عزّ وجلّ وأبقيت لنا ذكرا في الصالحين. قيل وكانت نفقته كل يوم درهمين. وفي أيامه تحركت دولة بني هاشم.
يكنى أبا خالد. عاشر بني مروان. ولما ولي الأمر استعمل على العراقين وخراسان عمر بن هبيرة الفزاريّ وبعث مسلمة بن عبد الملك لقتال يزيد ابن المهلّب. فقتله وبعث برأس يزيد الى يزيد وكان يزيد بن عبد الملك صاحب لهو وقصف وشغف بحبّابة المغنية واشتهر بذكرها. وقيل كان يزيد قد حجّ ايام سليمان أخيه فاشترى حبابة باربعة آلاف دينار فقال سليمان: لقد هممت ان أحجر على يزيد. فلما سمع يزيد ردّها فاشتراها رجل من اهل مصر. فلما أفضلت الخلافة اليه قالت له امرأته سعدة: هل بقي من الدنيا شيء تتمناه. فقال: نعم حبّابة. فأرسلت فاشترتها وصنعتها وأتت بها يزيد وأجلستها من وراء الستر فقالت: يا امير المؤمنين أبقي من الدنيا شيء تتمناه. قال: قد أعلمتك. فرفعت الستر وقالت: هذه حبّابة. وقامت وتركتها عنده.
فحظيت سعدة عنده وأكرمها. وقال يوما وقد طرب بغناء حبّابة: دعوني أطير. وأهوى ليطير. فقالت: يا امير المؤمنين ان لنا فيك حاجة. فقال: والله لأطيرنّ. فقالت:
فعلى من تدع الأمّة والملك. قال لها: عليك والله. وقبّل يدها. فخرج بعض خدمه وهو يقول: سخنت عينك ما اسخفك. وخرجت معه الى ناحية الأردن يتنزهان. فرماها