الحسن الاشعريّ وغيره لمّا باشروا علم الكلام منعوا التشبيه وصار ذلك مذهبا لأهل السنّة والجماعة وانتقلت سنّة [1] الصفاتيّة الى الاشعريّة.
وامّا القدريّة فهم معتزلة ايضا وانما لقّبوا بالقدريّة لنفيهم القدر لا لاثباتهم ايّاه فإنهم يقولون ان العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرّها مستحقّ على ما يفعله ثوابا وعقابا.
فالرّب تعالى منزّه عن ان يضاف اليه شرّ وظلم. وسمّوا هذا النمط عدلا. وحدّوه بأنه إصدار الفعل على وجه الصواب والمصلحة لمقتضى [2] العقل من الحكمة. وبازاء القدريّة الجبريّة الذين ينفون الفعل والقدرة على الفعل عن العبد ويقولون ان الله تعالى يخلق الفعل ويخلق في الإنسان قدرة متعلّقة بذلك الفعل ولا تأثير لتلك القدرة على ذلك الفعل.
ومنهم من يثبت للعبد قدرة ذات اثر ما في الفعل ويقولون ان الله مالك في خلقه يفعل فيهم ما يشاء ولا يسأل عمّا يفعل. فلو ادخل الخلائق بأجمعهم الجنّة لم يكن حيفا. ولو أدخلهم بأجمعهم النار لم يكن جورا بل هو في كل ذلك عادل لأنّ العدل على رأيهم هو التصرّف فيما يملكه المتصرّف.
واما المرجئة فهم يقولون بارجاء حكم صاحب الكبيرة من المؤمنين الى القيامة اي بتأخيره إليها. فلا يقضون عليه بحكم ما في الدنيا من كونه ناجيا او هالكا ويقولون ايضا انه لا يضرّ مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وبازاء المرجئة الوعيدية القائلون بتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار وان كان مؤمنا لكن يكون عقابه اخف من عقاب الكفّار. واما الشيعة فهم الذين شايعوا عليّ بن ابي طالب وقالوا بإمامته بعد النبيّ. وان الامامة لا تخرج من أولاده الا بظلم. ويجمعهم القول بثبوت عصمة الأيمّة وجوبا عن الكبائر والصغائر. فان الامامة ركن من اركان الدين لا يجوز للنبي اغفاله ولا تفويضه الى العامّة. ومن غلاة الشيعة النصيريّة القائلون بان الله تعالى ظهر بصورة علي ونطق بلسانه مخبرا عمّا يتعلّق بباطن الأسرار. وقوم منهم غلوا في حق أئمّتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقة وحكموا فيهم بأحكام الاهية. وبازاء الشيعة الخوارج فمنهم من خطّأ عليّ بن ابي طالب فيما تصرّف فيه ومنهم من تخطّى عن تخطئته الى تكفيره ومنهم من جوّز ان لا يكون في العالم امام أصلا وان احتيج اليه فيجوز ان يكون عبدا او حرّا او نبطيّا او قرشيّا إذا كان عادلا. فان عدل عن الحق وجب عزله وقتله. فهذا اقتصاص مذهب الأصوليين على سبيل الاختصار.