من يحيى بن سَعِيد نحواً من أربعين سن لم أقنت. قَالَ يحيى: ولي أنَا منذ سَمِعتُ هذا الحديث من الّليث بن سَعد نحواً من أربعين سنة لم أقنت.

وترك يحيى بن يحيى أيضاً رأي مالك في اليمين مع الشَّاهد، وأخذ بقول الليث في ذَلِك وإيجاب شهيدين. وكَان لاَ يرى بعثه الحَكَمين عند تشاجر الزوجين. وكان ذلك مما ينكر عَلَيْه. وكان يحيى بن يَحْيَى قَدْ رأى عبد الرّحمن بن القَاسِم دَوَّن سَماعه من مَالك. فنشط للرجوع إلى مالك ليسْمَع منه المسائل التي كان ابن القَاسِم دوّنها عنه. فرحل ثانية فالفى مَالِكاً عليلاً. فأقَام عنده إلى أن تُوفِّيَ (رحمه الله) : وحضر جنازته، فسمع من ابن القَاسِم سماعه من مالك وسأله عن العشرة. وذكر أحمد بن يوسف عن أبي عيسَى. وانْصَرف يحيى بن يحيى إلى الأنْدَلُس فكان إمام وقته، وَاحد بَلده. وكان: رجُلاً عَاقِلاً.

قال محمد بن عمر بن لُبَابة: فقيه الأنْدَلُس عيسى بن دينار، وعالمها عبد الملك بن حَبِيب، وعاقلها يَحْيَى بن يَحْيَى، وكان يحيى ممن اتهم في الهيج فهرب إلى طُلَيْطُلة ثم استَأْمن فكتب له الأمير الحكم رضي الله عنه أماناً وانصرف إلى قُرْطُبَة.

وكان أحمد بن خالد يقول: لَمْ يُعْطَ أحد من أَهل العِلم بالأنْدَلُس منذ دَخلها الإسْلام من الحظوة، وعظم القدر، وجَلاَلة الذكر ما اعطِيه يَحْيَى بن يَحْيَى، وسَمِعَ منهُ مشايخ الأنْدَلُس في وقته، وكَان آخر من حَدَّث عنْهُ ابنه عُبَيْد الله ابن يَحْيَى.

أخبرني عبد الله بن محمد بن علي، قال: حَدَّثَني عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: رأَيْتُ يحيى بن يحيى نَازِلاً عن دَابتِهِ ماشياً إلى الجامع وعليه عمامة وَرِدَاء متين، وأنا أحْسَب دابة أبي. قال لي أبو محمد: تُوفِّيَ: يحيى بن يحيى رحمه الله سنَة ثلاث وثَلاثِين ومائتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015