طغيان السيول، فأصلح مرة أخرى في عام 451م وقيل إنه اشترك في إصلاحه نحو 20 ألف رجل.

وارتبطت أهم أحداث العصر في الجنوب العربي الذي سوف نعبر عنه فيما يلي باسم اليمن وهو الاسم الشائع في المصادر العربية، بالتطورات الدينية وما ترتب عليها من نتائج حضارية وسياسية.

فقد سلكت اليهودية سبيلها إلى اليمن في عهود غير معروفة ود بعض الكتاب ومن اليهود بخاصة أن يرجعوا بها إلى زمن بعيد فربطوا بينها وبين عهد تخريب الرومان لبيت المقدس في عهد فسباسيانوس وتيتوس في عام 70م، وتشتيتهم لمن بقي فيها من اليهود الذين هرب بعضهم إلى الصحراء وانزووا في جاليات صغيرة على الطريق التجاري المتجه إلى الجنوب حتى اليمن. والواقع أنه ليس من سند لإرجاع هجراتهم إلى بلاد العرب إلى مثل هذا الزمن البعيد الذي رددته بعض الكتب التاريخية دون تمحيص حيث لم يظهر لعقيدتهم أثر في النقوش العربية الجنوبية أو الشمالية إلا منذ القرن الرابع أو الخامس الميلاديين.

وليس من المستبعد أن بعضهم تسلل إلى اليمن عن طريق فارس التي احتضنتهم نكاية في البيزنطيين المسيحيين الذين كانوا يكرهونهم. ولأمر ما ربط بعض الإخباريين ومن ذوي الأصل العبري أيضًا بين الملك أب كرب أسعد وبين يهود يثرب، مرة بدخولهم إليها في عهده، ومرة برحلته إليها وتهوده، ومرة بامتداد نفوذه إليها وتعيين أحد أولاده عليها حيث قتل بعد رحيله عنها ... إلخ.

وسلكت المسيحية سبيلها إلى اليمن عن أكثر من طريق، فسلكته أولًا عن طريق البعثات التبشيرية. ويبدو أن الدولة البيزنطية حينما وجدت الحبشة قد انشغلت بمشاكلها الداخلية عما أملته فيها من نشر المسيحية وما يستتبعها من أهداف سياسية، تعاملت مع الدولة الحميرية رأسًا. وكان من رسلها المبشرين الأوائل ثيوفيلوس الهندي في منتصف القرن الرابع الميلادي ويروي التاريخ الكنسي أنه نجح في تنصير الملك الحميري المعاصر له. ولم يكن تنصير الملك، إن صح، هو بيت القصيد. وإنما يبدو أن بيزنطة أرادت أن تضمن لها أنصارًا باسم الدين للوقوف في وجه انطلاق نفوذ الفرس المحتمل في شبه الجزيرة العربية وما يتصل بها عبر الخليج العربي وعمان. وهكذا اتجهت البعثات التبشيرية البيزنطية إلى جزيرة سوقطرى وميناء هرمز أيضًا.

وسلكت المسيحية طريقها إلى الجنوب العربي كذلك عن طريق تجار الشام المسيحيين الذين تعاملوا مع أهله، وربما سلكته كذلك عن طريق تجار الحبشة المسيحيين، وبعض أهل الحيرة أيضًا على الرغم من اختلاف مذهبهم المسيحي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015