فيها جمع ملك الافرنج بغدوين حزبه المفلول وعسكره المخذول وقصد ثغر صور ونزل بإزائه وشرع في عمارة حصن بظاهرها على تل المعشوقة وأقام شهراً وصانعه واليه على سبعة آلاف دينار فقبضها منه ورحل عنه. وفيها وردت الأخبار بوصول عسكر السلطان غياث الدنيا والدين محمد إلى بغداد في آخر شهر ربيع الآخر منها وأعلن الأمير سيف الدولة صدقة بن مزيد العصيان عليه خوفاً لما بلغه من افساد شحنة بغداد وعمدها حاله معه ولم يزل السلطان مقيماً ببغداد إلى العشرين من رجب فاجتمع إليه تقدير ثلاثين ألف فارس واجتمع مع صدقة تقدير عشرين ألفاً في الحلة وبينهما أنهار وسواحل في الحلة فأثر السلطان مراسلته في تقرير أمره والصفح وإيقاع مهادنة وموادعة تستقيم معهما الأحوال ويصلح بها الأعمال فأبى ذلك كافة الأمراء والمقدمين وامتنعوا من الأهمال لأمره ونهضوا إليه. فلما عرف الحال قطع الأنهار ووصل في جمعه حتى صار بإزائهم وحمل بعض الفريقين على بعض ونشبت الحرب بينهم وكان منزل صدقة بن مزيد كثير الوحل عسر المجال فترجل الأتراك عن خيلهم وحثوا عليهم وأطلقوا السهام وشهروا الصفاح وشرعوا الرماح وفعل مثل ذلك أصحاب صدقة والتقى الجيشان ونظر صدقة إلى أصحابه والسهام قد شكت خيولهم وقد أشرفوا على الهلاك وظن الأتراك إنهم قد انهزموا فركبوا أكتافهم رشقاً بالسهام وضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح فقتلوا منهم