والعجم مسعود بن محمود في القصبة، جاءت إليه امرأة عجوز شاكية- في الوقت الذي كان فيه بكتغدي الحاجب قد جاء هاربا من السلاجقة- وقالت له إن الشحنة قد أخذ منها ثلاثة دنانير، بسبب قيام خصومة بينها وبين جارة لها، أدت إلى اللجاج والمكالمة، وانتهت بتمزيق الثياب والملاكمة، فاستدعى السلطان الشحنة وقال له إن جزاء هذه الجنايات هو أرش الزجر، ومقداره عشرة دراهم مع تغريمها ثوبا، ولذا يجب عليك إعادة الدنانير الثلاثة إلى المرأة العجوز، وأمر بتقطيع الشحنة إلى ثلاثة أقسام وتعليقه على ساباط لوش هون:
ذي المعالي فليعلون من تعالى ... هكذا هكذا وإلا فلا لا
واقعة: بعد دس السم للسلطان ملك شاه «1» وموته في الثاني عشر من شوال سنة خمس وثمانين وأربع مئة، ظهرت الفترة واستولى العيارون على القصبة، فجاء السيد الأجل الزاهد فخر الدين أبو القاسم الفريومديّ «2» قدس الله روحه، من فريومد، وظل في القصبة خمسة أشهر متواصلة يطوف فيها مع أهل السلاح والخدم والفرسان إلى الصبح بالشموع والمشاعل، [275] ليحموا أموال وحرم المسلمين من أي اعتداء قد يقوم به المعتدون والفسقة، وقد كانت نفقة أولئك الخدم والأتباع بأسرها من خالص أمواله، وهذا هو السعي المشكور، والعمل المبرور.
واقعة: قبل أن يقدم السيد الأجل فخر الدين أبو القاسم من فريومد إلى القصبة، حدث أن قتل السيد أبو سعيد عبد الله بن محمد بن جمعة البندار «3» ، واحدا من شباب المشايخ المدعو محمد بن أبي سعد بن عليك في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وأربع مئة، وهرب قاتله إلى العراق، وصار بعد ذلك في خدمة السلطان محمد بن ملك شاه