رعى اللَّه هَذَا الدهر كل محاسني ... لديه وإن كثرتهن ذنوب
وذكر أَبُو طَالِب بْن عَبْد السميع أن ابْنُ المنجح قدم واسط ووعظ وكان ظريفًا فسألوه أن يجلس فِي الأسبوع مرتين فكان كلما عيّن يومًا احتجوا بأن القراء لا فراغ لهم فِيهِ إلى أن سمى أيام الجمعة ثُمَّ أطرق مليًا وقَالَ: لو عرفت هَذَا كنت جئتكم بيوم من بغداد. ولد ابْنُ منجح سنة خمس وخمسمائة وتوفي فِي ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
سَمِعَ بها وقرأ القرآن ثُمَّ قدم بغداد عند بلوغه واستوطنها وتفقه بها عَلَى مذهب الشَّافعيّ وجالس علماءها وتميز وفهم وصار من أحفظ النَّاس للحديث وأسانيده ورجاله مَعَ زهد وتعبد ورياضة وذكر. سَمِعَ من أَبِي الوقت حضورا ومن شهردار بْن شيرويه وأبي زرعة المقدسي وأبي العلاء العطار ومحمد بْن بنيمان الأديب وعبد اللَّه بْن حيدر القزويني سماعًا ومن معاوية بْن عليّ ومعمر بْن الفاخر ومحمد بْن عُمَر الحافظ أَبِي مُوسَى وأبي الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخرقي وأحمد الترك وطبقتهم بأصبهان. وسمع ببغداد عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصمد السلمي وأبا الحسين عبد الحق وأخاه أبا نصر عَبْد الرَّحِيم وأبا الثناء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الزيتوني وبالموصل أبا الفضل الطوسي وبواسط أبا طَالِب الكتاني المحتسب وأحمد بْن سالم المقرئ وبالبصرة مُحَمَّد بْن طلحة المالكي وبدر ابن عُمَر وأجاز لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه الْحَسَن الرستمي وأبو سعد بْن السمعاني وأبو طاهر السلفي. وصنف فِي علم الحديث عدة مصنفات وأملى عدة مجالس.
سَمِعت مِنْهُ ومعه وكان كَثِير المحفوظ حسن المذاكرة وتغلب عَلَيْهِ معرفة أحاديث الأحكام، أملى طرق الأحاديث التي فِي كتاب «المهذب» لأبي إِسْحَاق وأسندها، وتوفي قبل إتمامه. قرأت عَلَيْهِ: أخبركم مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم القارئ، أخبرنا أَبُو نعيم.
فذكر حديثًا. قرأت عَلَيْهِ معرفة الأنساب تصنيفه وغير ذَلِكَ. ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة تقريبًا، وتوفي فِي جمادى الأولى سنة أربع وثمانين ببغداد وله ست وثلاثون سنة.