مات محمّد بن عبّاد المهلّبي بالبصرة. [فقال: نحن متنا بفقده، وهو حي بمجده. مات بالبصرة سنة أربع عشرة ومائتين] [1] .
وهو كوفي سكن بغداد وكان صاحب أخبار وحفظ لأيام الناس، وحدث عن أبيه، وعن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد السلام ابن حرب، وحفص بن غياث، وأسباط بن محمد، وزيد بن الحباب، وهشام بن محمد الكلبي، والوليد بن صالح النحاس. روى عنه إِبْرَاهِيم بْن إسحاق الحربي، وَأبو بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وَمحمد بْن الليث الجوهري، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، حدّثنا أحمد بن كامل القاضي، حدّثنا إبراهيم الحربي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هشام بن الكلبيّ، عن قرن بن سعيد ابن عُفَيْفِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَحْيَانَا اللَّهُ بِبَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ. قَالَ:
«وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: أَقْبَلْنَا نُرِيدُكَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا أَخْطَأْنَا الْمَاءَ، فَمَكَثْنَا لا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَانْتَهَيْنَا إلى موضع طلح وممر فانطلق كل مِنَّا إِلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ لِيَمُوتَ فِي ظِلِّهَا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي آخِرِ رَمَقٍ إِذَا رَاكِبٌ قَدْ أَقْبَلَ مُعْتَمٌّ، فَلَمَّا رَآهُ بَعْضُنَا تَمَثَّلَ:
ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن بياضا في فرائصها كأمّي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظِّلُ عَرْمَضُهَا طَامي
فَقَالَ الرَّاكِبُ: مَنْ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرُ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا: امْرُؤُ الْقَيْسِ. قَالَ: هذه وَاللَّهِ ضَارِجٌ أَمَامَكُمْ. وَقَدْ رَأَى مَا بِنَا مِنَ الْجَهْدِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهَا فَإِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ ذِرَاعًا، فَإِذَا هِيَ كَمَا وَصَفَ امْرُؤُ الْقَيْسِ عَلَيْهَا الْعرْمَضُ يَفِيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذاك مشهور في الدّنيا، خامل في الآخرة، مذكور في الدّنيا، منسي فِي الآخِرَةِ، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ، يَقُودُهُمْ إِلَى النار» .